من
خلال القراءة المتأنية للخبر التالي يمكننا تكوين نظرة مستقبلية عما قد يؤول
إليه الوضع في مصر
"أكد
عبدالكريم الزبيدي وزير الدفاع التونسي أن جيش بلاده لا يسير وراء تعليمات الحكومة
، ولكنه يعرف كيف يتعامل مع الأمور .وأضاف الزبيدي في مداخلة هاتفية مع فضائية
"نسمة" التونسية أن الجيش حمى البلاد عندما كان هناك فراغ سياسي في
السلطة ، مشددا على أن الجيش يقف على مسافة متساوية من جميع الأطياف والقوى
السياسية .. موجها الشكر للمواطنين على ثقتهم بالجيش ، وأنهم لايزالون يقدرون
المؤسسة العسكرية لحماية الأمن والمواطن ، لافتا إلى أنهم بعيدين تماما عن التعاطي
مع السياسة .
وأوضح الزبيدي أنهم لايردون على الأحزاب والمتحدثين بإسمها الذين أهانوا الجيش وقائده رشيد عمار وأن الاستخبارات العسكرية لن تدخل للصراع ، كما أن هذا يعتبر أول تدخل له في مثل هذه الشئون منذ سنتين."
وأوضح الزبيدي أنهم لايردون على الأحزاب والمتحدثين بإسمها الذين أهانوا الجيش وقائده رشيد عمار وأن الاستخبارات العسكرية لن تدخل للصراع ، كما أن هذا يعتبر أول تدخل له في مثل هذه الشئون منذ سنتين."
بات
هذا هو الوضع الحالي في تونس، حيش يؤكد على حمايته للشعب وجماعة محظورة سابقًا
تحظر الجميع اليوم وتروج لمؤامرات لا وجود لها إلا في خيالها المريض. فمن العجيب
أن نرى راشد الغنوشي مرشد جماعة النهضة يؤكد أن مقتل شكري بلعيدن المناضل التونسي
كان على يد الثورة المضادة ويضيف أن هناك دول عربية تريد بتونس الشر وتحيك
المؤامرات لإسقاطها. هذا الشخص هو نفسه من عُرضت له مقاطع فيديو سُربت على
الإنترنت يؤكد فيها أنه وجماعته يعملون على السيطرة على الجيش والشرطة التونسية
تدريجًا وأنها مسألة وقت حتى تمتلك النهضة جميع مفاصل الدولة.
إذن
فالمسألة ليست ديمقراطية وصندوق وإرادة شعوب لأن من يؤمن بذلك يسعى إلى الحكم
والإدارة لمؤسسات الدولة لا السيطرة عليها وجعلها تابعة لتوجهاته وسياسته. إنها
النسخة الثانية من الإخوان المسلمين في مصر الذين يفعلون نفس الشيء يقمعون ويضربون
ويسحلون ويسيطرون على الإعلام ويمسحون الدماء في الزي الشرطي ويضعون الداخلية
المصرية في وجه المدفع حتى يقضوا على ما تبقى منها ويبدأون إعادة هيكلة الداخلية
وفقًا لهواهم.
وعلى
ذلك، ننتظر من الجيش المصري أو المؤسسة العسكرية، شئنا أم أبينا، بعض التصريحات
التي تشير صراحةً أو بشكل غير مباشر إلى إمكانية تدخل الجيش في المعترك السياسي
الدائر في مصر الآن، وهو ما لا نريده ولا نتصوره بأي شكل من الأشكال، إلا أننا في
نفس الوقت لا نعد تصور أو سيناريو لما قد يكون عليه الوضع أو ما يكون عليه موقفنا
كقوى ثورية إذا ما حدث انقلاب على شرعية الإخوان المتعفنة المستمدة من شرعية
المخلوع وتسير بالحكام الحاليين على خطاه. مشكلة البدائل أو الخطط أو السيناريوهات
هي المشكلة التي تواجه الثورة منذ اليوم الأول، فهل آن الأوان للتفكير بصوت مرتفع
مع بعضنا البعض وفتح الباب الحوار فيما بيننا نحن كقوى ثورية لاتخاذ موقف واضح حال
تدخل الجيش يساعدنا على استخدام القوات المسلحة في المهمة الأساسية المكلفة بها في
كل وقت وكل حين منذ أن أصبح لمصر جيشًا في عهد الفراعنة وهي حماية الدولة
وصد أي خطر عن مواطنيها دون التدخل في أمور الحكم والإدارة والسياسية. وأعتقد أن
نموذج الجيش التونسي هو الأمثل، وهو ما ينبغي أن ندفع بالمؤسسات العسكرية
نحوه.
لابد
ألا تتخلى المؤسسة العسكرية عن أبناء الشعب وتتركهم للقتلة يفتكون بهم في الشوارع،
ولكن هذه المرة لن نقدم للعسكر مصر على طبق من فضة يحكمونها كما سبق ثمنًا لحماية
المواطن. لابد من أن نحصل على حقنا في حماية القوات المسلحة دون أن ندفع الثمن
الذي اعتدنا على دفعه منذ ثورة ناصر 52. لابد أن تتغير أقطاب المعادلة المعروفة بـ
"الوطن مقابل الحماية" لابد أن تُضم أقطاب المعادلة في عبارة واحدة
"حماية الوطن والمواطنين". وأؤكد أن ما سبق ليس نداء للجيش أو استغاثة
بالمؤسسة العسكرية، بل رسالة إلى القوات المسلحة مؤداها "إذا لم تقفوا في
صفنا، صف الوطن، ضد المحتل الجديد للبلاد، فلا تقفوا في وجهنا ولا تنحازوا لشرعية
من باعو الوطن لأن الخطوة التالية في عملية البيع الممنهج لمصر سوف تكون بيعكم كما
يبيعون الشرطة". وأؤكد أيضًا أننا في الشارع المصري بكل الأطياف الثورية لن
نسمح بأن نصل إلى هتاف "يسقط يسقط حكم العسكر" لأنه العسكر لا يحكمون،
بل يحمون المواطن والدولة التي يرتضيها والشرعية الحقيقية التي منحها هذا المواطن
لمن يريد. لابد أن تسعى هذه المؤسسة إلى التصالح مع الشعب المكون الذي تتكون من أبناءه وأن تغير الانطباع الشعبي عنها وتستغل ما تبقى من ثقة لدى المواطنين فيها ولتغير المثل الشعبي الذي لا زال ينطبق عليها حتى الآن "أفتكر لك إيه يا بصلة وكل قطمة بدمعة."
لذلك لابد وأن نهتف سويًا "يسقط
يسقط حكم العسكر ويعيش واجبهم الوطني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق