جاء في مقال نشرته صحيفة الجارديان في قسم المدونات بعنوان "مشكلات الليبراليين مع الإسلاموفوبيا في بريطانيا" أن المشكلة
الحقيقية التي تؤدي إلى توغل ظاهرة الإسلاموفوبيا في المجتمع البريطاني،
الذي اعتبره الكاتب نموذجًا لمجتمعات دول أوروبا هي تلك النظرية التي تتبناها
المنظمات الدينية ذات العلاقات الوطيدة باللوبيات الصهيونية وهي النظرية التي تؤكد
وفقًل لهؤلاء أن كل ما هو مسلم إرهابي وأن كل مسلم ما هو إلا كائن بلحية يحمل سلاحًا
ومستعد استعداد طبيعي للانتحار. يستند هؤلاء إلى ما كانت يردده قادة جيوش الإسلام
من الدعاء بالاستشهاد في سبيل الله وأن جيوشهم لا تهاب الموت وتحبه كحب غيرهم
للحياة ما دام في سبيل الله.
وبالانتقال إلى الواقع المصري الراهن نرى
أن الفاشية الدينية واحدة سواءً في الإسلام أو المسيحية. فكما يبرر المسيحيون في
أوروبا الحرب على المسلمين في كل مكان واصفين إياهم بالإرهاب ولا يفرقون بين
مقاومة تستهدف المحتل أو مقاومة تعمل ضد الظلم وبين منظمات إرهابية تستخدم السلاح
لتحقيق أهداف سياسية والاستيلاء على دول بأكملها وطمس هويتها. ببساطة شديدة يعتبر
موقف الجمعيات المسيحية ومواليها من الصهاينة للإسلام والمسلمين هي ممارسة واضحة
من ممارسات الفاشية الدينية، وهو نفس الموقف الذي يتخذه الإخوان المسلمون
والموالين لهم من السلفيين ومن ينشرونهم على مواقع التواصل الاجتماعي كالجراد من
مبرراتية يعملون بالقطعة ويحولون النقاش في أي موضوع إلى نقاش مزاعم يستهدفون بها
أحد أمرين:
الأمر الأول: أن من مات في التظاهرات أو
الاحتجاجات على الحاكم التابع لهم بكل تأكيد ليس بشهيد إنما بلطجي أو ضحية للطرف
الثالث.
الأمر الثاني: أنه لم يمت بتلك التظاهرات
أساسًا لأنه لم يكن بها من الأصل ليس له. فقد مات بسبب حادث سيارة أو صدمه توكتوك
أو ماس كهربائي فتك به.
وعلى أي حال يؤدي ذلك بالحوار كله إلى
المناقشة في أطروحة خالد عبد الله "إيه إللي وداها هناك" بذلك يكون
أمامنا نموذجين للفاشية الدينية أحدهما منتشر في أوروبا تتبناه المنظمات المسيحية
ويروج لأن كل ما هو مسلم إرهابي لا فرق بين مقاوم احتلال وناشر للرعب بين الآمنين
في بلاده وغيرها من بقاع الأرض هي القناعة التي استند إليها هؤلاء من واقع فهم غير
للمباديء الإسلامية التي تحض على الشهادة في سبيل الله ومن أجل كلمتي الحق والدين
حيث لا يعترفون بأن من يمت أثناء مقاومة الصهاينة في فلسطين المحتلة شهيدًا، وهو
الواضح في تسميتهم للتفجيرات التي تشهدها إسرائيل بتفجيرات انتحارية لا استشهادية.
أما النموذج الثاني فهو نموذج "إيه إللي وداها هناك" الذي يتهم كل
متظاهر من أجل الحق والعدل والخير بأنه انتحاري ألقى بنفسه إلى التهلكة وليس
شهيدًا.
نتيجةً للترويج لهذه المعتقدات الهدامة،
تنتشر الإسلاموفبيا في أوروبا، ولنفس الأسباب المتمثلة في الترويج لنظرية إيه إللي
وداها هناك تنتشر الديمقراطوفوبيا في مصر برعاية المتأسلمين حيث لا أراهم إسلاميين
على الإطلاق.
وإلى ملخص مقال الجارديان:
لا
زال من المقبول أن نتحدث عن المسلمين بشكل غير لائق، خاصة هؤلاء اللطفاء من
الأوروبيين الليبراليين، وهو ما لا يحلم به الأوروبيون أثناء الحديث عن أي جماعة
من الناس. ويظهر التناقض الشديد في التعامل مع المسلمين بهذا الشكل عند استدعاء
الهجوم الذي تعرض له عضو البرلمان عن حزب الديمقرايين الأحرار دايفيد وورد عندما
وصف الإسرائيليين بأنهم جماعة عانت كثيرًا من ممارسات النازيين وذهبت لتؤسس دولة
على التطهير العرقي والظلم حيث قامت الدنيا ولن تقعد ووصفوا تصريحاته بأنها فضيحة
المعاداة للسامية.
لم تكن الإشارة إلى الجماعة اليهودية التي
عانت كثيرًا على أيدي النازيين تنطوي على أي معاداة للسامية، كما روج لذلك
الليبراليين، ومع ذلك ثارت ثائرتهم وبدأوا في ألقاء وابل من الانتقادات لوورد ربما
لأن هذه التصريحات جاءت في ذكرى الهولوكوست. وبينما أثارت تلك التصريحات حفيظة
الليبراليين من أبناء أوروبا، صدق هؤلاء جميعًا على اللغة العدائية التي تستخدمها
الصحافة القومية في بريطانيا وغيرها من دول أوروبا منذ أحداث 11/9 أثناء التطرق
إلى المسلمين والعرب والمصريين بل وأيضًا كل من هومسلم في الشرق الأوسط واعتمدوا
هذا النبذ وذلك الهداء الذي تتبناه الصحافة التي دائمًا ما تشير إلى المسلمين على
أنهم هؤلاء الملثمون الذين يحرقون علم اليهود (إسرائيل) لتكون هذه هي الصورة
الشائعة لدى الغرب بالكامل.
وبما أن إسرئيل تستطيع حظر مواد البناء
إلى قطاع غزة وهو ما تقوم به بالفعل، يعتبر المخبأ الخرساني الذي من الممكن أن
يحتمي به سكان القطاع من الضربات الجوية الإسرائيلية رفاهية غير متوافرة لأن غسرائيل
لا تريدها كذلك. مع ذلك، هناك الكثير من
المنظمات الخيرية والإنسانية تتعامل مع المسلمين في غزة وغيرها من الدول الإسلامية
على أنهم هم من يرتكبون الخطأ وتوجه إليهم اللوم على ما يفعلون استنادًا إلى
المقولة الشهيرة التي ترددت على ألسنة زعماء العرب منذ القرن السابع الميلادي
والتي تشير إلى أن لديهم جيوشًا يحبون الموت في سبيل الله. لذلك يعتبرهم
الليبراليون الأوروبيون هم المخطئون لأنهم يحبون الموت فيقتلون أنفسهم في المواجهات
مع الأعداء، وهو منطق يصعب تغييره لدى هؤلاء.
ومن بين المنظمات التي تعادي المسلمين في
الشرق الأوسط وجميع أنحاء العالم منظمة كريستيان ميدل إيست ووتش التي ترى دائمًا
أن المسلمين هم من يقتلون أنفسهم من خلال تبني المنهجية الخاصة بزعماء المسلمين
والتي تشير إلى هناك جيوشًا تحب الموت كما يحب غير المسلمين الحياة بينما ترحب
بالصهيونية طوال الوقت وتدعو إلى حرية واستقلالية المجتمع الصهيوني. يلقي ما سبق
الضور على أن المنهجية التي يؤمن بها المكون المتطرف من العالم الإسلامي لا تروق
الليبراليين في أوروبا وسوف يصعب عليهم الاقتناع بمثل هذا الفكر الذي لا يتوافق مع
النسق الفكري السائد لديهم.
كما ظهرت بعض التحليلات التي تؤكد على
المفهوم الخاطيء السائد بين الأوروبيين عن المسلمين وتوجهاتهم وكيف أنهم لا ينتمون
جميعًا إلى التيار المتطرف الذي يقوده البعض، وهي التحليلات التي استندت إلى أن
الحرب الطائفية بدأت في الظهور على السطح من جديد في إطار ما الاحتجاجات التي
تواجهها الحكومة العراقية في الوقت الراهن حيث دللت تتلك التحليلات بهذه
الاحتجاجات والبعد الطائفي الذي اتخذته السياسية في البلد على أن تجربة الرأسمالية
تعتبر من التجارب الناحجة والفعالة في إدارة شئون الدول الإسلامية مبررين ذلك
بقولهم أن مثل هذه الصراعات الطائفية اختفت أثناء الاحتلال الأمريكي ولم تظهر إلا
بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق. وليس هناك سوى مصطلح واحد يصدق على النسق
الفكري الليبرالي السائد في أوروبا هو الإسلاموفوبيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق