في ذكرى خلع المخلوع وإسقاط الساقط لابد أن نحتفل لابد أن نفرح ولابد أيضًا أن نتذكر. نحتفل لأننا أسقطنا رأس النظام رغم أننا تركنا جسده يعيد إنتاج روؤسًا عدة. نحتفل لأننا خلعنا رمز الاستبداد رغم بقاء الاستبداد في أبشع صوره بيننا.
فلنحتفل بالحرية:
نحتفل بأننا انتزعنا حق التعبير عن الرأي والحرية رغم أن كثيرون منا يُقتلون أثناء ممارسة هذه الحقوق. نحتفل بالقضاء على رأس الفساد رغم أننا تركنا أذياله وأذرعه القوية تستمر في البطش بلقمة عيش الفقير. نحتفل لأننا فرضنا إرادة الشعب رغم أنها أصبحت حبيسة صندوق الإخوان الذي يعدون العدة طوال الوقت للسيطرة عليه بقوانين يصيغونها بمجلس أسموه مجلس الشورى لم يخرج إلى انتخابه إلا 7% من المصريين لا يمثلون أي شيء حتى أن المجلس لا ينال رضا أي مصري على الإطلاق خارج جماعة الإخوان أو إخواني مستتر أو متعاطف أو منتفع.
فلنحتفل بالعيش والعدالة الاجتماعية:
لابد أن نحتفل بالعدالة الاجتماعية التي أقرها الدستور التي تزيد الفقير والغني من كل شيء فالفقير سوف يزداد فقرًا لأنه تحدد له الحد الأدنى للأجور دون أن يطبق ولم يتقاضى منه أي فقير ولو مليمًا واحدا، وهو أيضًا هذا الدستور الذي أقر الحد الأقصى للأجور على استحياء في إطار تمثيلية "إلا وفيما عدا" فهل هناك حد أقصى للأجور أقره الدستور؟ نعم هناك حد أقصى لعبة أو بلاستيك غير حقيقي أتت بعده كمة "إلا" أو "ما عدا" لتجعل الباب مفتوحًا أمام طغاة جدد أن يحددوا ما يسرقونه من قوت الشعب وهم الإخوان ومن يتنطع على أبوابهم من سماسرة بيع مصر. هذه هي العدالة الاجتماعية. فعلًا أنه يوم جميل وذكرى غالية تستحق الاحتفال عندما نرى حكومة تنتوي منح المواطن 3 أرغفة أو حتى خمسة دون أني يعلم المواطن ماذا يأكل بتلك الأرغفة وتمنح السيارة التي تقل أربعة على الأقل خمة لتر من الوقود (أطرف تعليق على الخمسة لتر من سائق تاكسي "دول يخلصوا في إشارة") وفي الوقت الذي ينبغي على المواطن الصبر وشد الحزام تقاوم حكمة قنديل فكرة رفع الدعم عن الطاقة للمؤسسات الصناعية وتبذل العطاء الكثير والدعم الكبير لمصانع يمتلكها أفراد وتعفي منتجات الطاقة التي تذهب إلى القوات المسلحة من أي رسوم أو ضرائب، بل تمنح آبار نفط كاملة للقوات المسلحة ويا ليتها تستخدمها في أغراض عسكرية أو في الدفاع عن البلاد أو تشغيل معدات الجيش فقط، بل تستغلها تجاريًا بالبيع للمواطنين وتحصيل الأرباح الوفيرة علاوة على أًصحاب المصانع من الإخوان الذين ترفض حكومتهم اتخاذ القرار برفع الدعم عن الطاقة التي يستهلكونها خشية أن تحرمهم بعض الملايين التي يحصدونها يوميًا. ومن أسباب الاحتفال أن محاكمنا الشامخة حكمت باستعادة الشركات التي تمت خصخصتها في عهد المخلوع رغم رفض الحكومة التي صدر الحكم لصالحها هذا الحكم وطعنها عليه لتعود الشركات إلى أصحابها من الإخوان. نحتفل لأننا أجبرنا يوسف بطرس غالي على الهرب رغم أن الحكومات المتوالية لم تنطق بكلمة واحدة تشير إلى أنها تبحث عن 600 مليار جنيه هي أموال التأمينات الاجتماعية (المعاشات) التي منذ أن ضمها وزير مالية جمال مبارك إلى وزارة المالية لم يُشم لها ريحًا وأتت حكومة الإخوان ورئيسهم ليكملوا مسيرة طمس الأدلة على كل شيء.
فلنحتفل بدولة القانون:
بالفعل لابد أن نحتفل بدولة القانون الجديدة رغم محاصرة المحكمة الدستورية بها من جانب ميليشيات الإخوان ورغم تعيين رئيس الإخوان لنائب عام ملاكي المقطم كا أصله شاويش بالداخلية وبعدها انتقل إلى النيابة ثم إلى وظيفة مستشار قانوني بوزارة العدل بالبحرين وما أدراك ما البحرين (ابحث عن فيديوهات التعذيب في الشوارع واقمع والقتل والضرب بالغازات السامة وسوف تعرف ما أعني بأن يكون نائب عام شاهدًا على كل تلك الأحداث الوحشية دون أن يستقيل من منصبه كمستشار لملك يسحق رعاياه) لابد لنا أن نحتفل ببراءة جميع قتلة الشهداء في الداخلية ومهندسي موقعة الجمل وخروجهم أحرار طلقاء يتمتعون بحقوق تفوق تلك الحقوق التي نتمتع بها نحن من لم تلوث أيدينا بالدماء. يُضاف إلى ملف استقلال القضاء المزعوم، الذي يتبناه مرسي باللسان فقط مع ارتكاب كل الانتهاكات في حق القضاء، إعلان نوفمبر غير الدستوري الذي حصن قرارات مرسي والتأسيسية ومجلس الشورى وكلها قرارات باطلة وهيئات ومجالس باطلة. يجب أن نحتفل بأن بلادنا أصح لها دستورًا رغم أنه دستور وضعه الإخوان ولا يمثل إلا مصالحهم.
فلنحتفل بالقصاص:
نعم علينا أن نحتفل بالقصاص، ولكن القصاص مممن؟ من قتلة شهداء لقوا حتفهم على يد الرئيس المخلوع أم هؤلاء الذين لقوا حتفهم على يد من سيُخلع قريبًا؟ نعم نحتفل بالقصاص الذي أُسس من أجله رئيس الإخوان نيابة حماية الثورة ولم نسمع عنها شيئًا سوى خبر التأسيس. نيابة سوف تعمل على عكس ما هو معروف على طمس أدلة تورط الإخوان في قتل الشهداء، وحتى لو كانت مجرد قرائن لا تثبت شيئًا فلا يجوز الزج باسم الكباش المقدسة في مثل هذه المهاترات. نحتفل بالقصاص الذي أصبح مدعاة للسخرية والاتهامات. فكلما تحدثت عن القصاص والدم يتهمك أحد كباش الإخوان المقدسين بأنك تتاجر بالدم. نعم نتاجر بالدماء نتاجر بدماء الشهداء ودماءنا أيضا نبيع الدماء لشراء مستقبل لأولادنا وبلد كريم يحيون فيه. ويأتي الاحتفال أيضًا وسط فصال رخيص وجدل حقير ينزع صفة الشهيد عمن فتكت به أيدي الاستبداد وهو يقول كلمة حق في وجه سلطان كما هو الحال في حالة الشهيد محمد الجندي الذي يحاولون بشتى الطرق أن يثبتوا لنا أنه توفي في حادث سيارة. وبالمرة لابد لنا أن نحتفل أثناء احتفالنا بالقصاص بالكرامة الإنسانية أيضًا فسوف نضطر لأن نجعل لكرامة المصري ذكرى سنوية بعد أن فقدناها. كما نحتفل بالتصالح مع مدير أعمال المخلوع وراعي ملياراته على أن يكون التصالح موقع بدم الشهداء.
هذا ولن نحتفل وحدنا بكل المناسبات السعيدة التي أشرت إليها أعلاه، فهناك احتفال الإخوان بالعرص الديمقراطي مرتين في انتخابات البرلمان المنحل وانتخابات الرئاسة التي دعمناهم فيها وأوصلنا عجلهم المقدس إلى كرسي الرئاسة ليبدأ مسيرة القتل ويعمل سلاحه فينا. وسوف يحتفلون بالرقص على دماء الشهداء وبإنجازات ينسبوها كذبًا إلى أنفسهم مثل خلع المخلوع والقيام بالثورة وحماية الثورة والاستشهاد في سبيل الثورة. وسوف تنطلق دعوات الإخوان للاحتفال بالرقص على دم الشهداء عله يزول من على أرض ميادين التحرير بعد الرقصة الأخيرة.
لذلك أرى أن يكون لنا طريقة خاصة في الاحتفال بكل ما حققناه من إنجازات، وهي طريقة "لف وارجع تاني" إلى الميدان وغيره من ميادين التحرير إلى قصر الطاغية إلى جميع المؤسسات التي يبدو أن حوائطها ونوافذها أغلى من المواطن. لابد أن نعود ونعود ونعود إلى كل مكان تركناه أو أُجبرنا على تركه. لابد وأن تكون للثورة صرخة فلا احتفال إلا بالصرخة الأخيرة التي تصم آذان الاستبداد ورعاته إلى الأبد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق