الثلاثاء، 22 يناير 2013

عاطف إسماعيل: غلطة الشاطر بألف.. الإخوان في مواجهة الثورة



إذا أمعنا النظر قليلًا في الصراع بين العسكر والإخوان، فسوف نكتشف إلى أنه يفتقر إلى مقومات الصراع الأساسية حيث يقتصر على عدد من البيانات المعدة سلفا والتي يتم الرد عليها تفصيلًا من جانب كل طرف من أطراف الصراع المزعوم. بمعنى أنه صراع أليف لا تتوافر فيه مقومات التناحر أو الخلاف الحاد على قضية أساسية حيث نلاحظ أن كلا الجانبين يصدر بيانًا غير محدد الأهداف ولا يحمل رسالة واضحة. لم أتمكن أثناء قراءة هذا السجال بين الجانبين أن أتعرف على نقطة أو نقاط الخلاف الأساسية؛ هل الخلاف حول شرعية البرلمان أم حكومة الجنزوري أم على أمور لا نعرف عنها شيئًا.

فالإخوان يخسرون القاعدة الشعبية تدريجيًا وهم يدركون ذلك تمامًا ويرضونه لأنهم ببساطة يستندون إلى قادة عسكرية وتشريعية فلا حاجة لهم بالشعب في شيء. ولسنا بحاجة إلى أن نخوض في الأسباب التي دعتهم إلى تسمية مرشح رئاسي عن الجماعة سواءً كان خيرت الشاطر أو حتى المرشد نفسه حيث أن الأهم من كل ذلك أن يفعلوا ذلك في هذا التوقيت الحرج في أعقاب سلسلة المواقف المخجلة إلتي اتخذوها على مدار ما يزيد على عام ، وهو مما لا شك فيه حرق لآخر أوراق اللعب على الشعبية والجماهيرية الإخوانية في الشارع المصري، وبالطبع لن تتخلى الجماعة عن شعبيتها مجانًا.

ينتظر الإخوان بهذا الترشيح إحدى الحسنيين فلا خيار ثالث أمام الجماعة إلا النصر أو النصر. فإذا كانت الرئاسة من نصيب الشاطر ضمنوا حماية أنفسهم وتحصين حزبهم وحكومتهم القادمة ضد أي انتقاد أو احتجاجات. ففي ظل حكم الإخوان والسيطرة على السلطتين التشريعية والتنفيذية وبعد تحصين العسكر من أي مسائلات عما اقترفوه في حق الشعب المصري، سوف تُكمم كل الأفواه وتُشل كل الأيدي مما يضمن بقاء الإخوان لفترات طويلة كامتداد طبيعي لحكم المخلوع، وهو الاحتمال الأضعف. بينما على الجانب الآخر نجد الحسنى الثانية، وهي أن يهرب الناس من جنة الإخوان إلى نار المجلس العسكري فينتخبوا عمرو موسى أو أحمد شفيق بعدما خرج عمر سليمان من السباق الرئاسي في مراحله التمهيدية والخروج شبه المؤكد لحازم صلاح أبو إسماعيل بسبب مشكلات ذات صلة بالجنسية، وهو الاتجاه الذي من الممكن أن يسود الشارع المصري في ضوء الاعتقاد الراسخ في أذهان المصريين بأن أبو الفتوح محسوب على القوى الإسلامية، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام عودة دولة العواجيز الأمنية التي لن تجد خير من الإخوان، الذين يرفضون الانتقادات ويقاومون الاحتجاجات ويعرفون الاستقرار على أنه الخضوع والخنوع الكاملين للسلطة ويكفرون من يناقشهم أو على الأقل يزندقونه أو يشوهونه، خلفًا للحزب الوطني المنحل بإرادة الشعب ليقبعوا في حكم مصر ممسكين بزمام الأمور 30 أو 40 عامًا.

نسى الجميع أن زمن االعب السياسي في الغرف المغلقة انتهى بقيام ثورة يناير المجيدة. فالثورات لا تموت خصوصًا في بلاد بمساحتنا وعدد سكاننا ومواردنا وموقعنا المتميز حيث يسهل خروج الأمور عن السيطرة ويحدث انفجار في الأوضاع الداخلية وينتشر كالنار في الهشيم بكل سهولة إذا وجد الشارع أنه خارج المعادلة أو أمسك بيده دليل مادي واحد على اشتراك العسكر والإخوان في جريمة خيانة الثورة، وهو ما يمكن أن يبدأ في الثاني من يونيو القادم عندما ينطق المستشار أحمد رفعت ببراءة مبارك أو بعقوبة لا تتناسب مع جرمه الكبير. فليحذر العسكر وليحذر الإخوان من غضبة الشعب المصري وليعلموا أنهم أخطأوا خطأ فادحًا عندما كللوا مسيرة تهاونهم في حق مصر من أجل مصلحتهم بغلطة ترشيح الشاطر لرئاسة الجمهورية التي أتت في أعقاب استئثارهم بتشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وكلنا يعلم أن غلطة الشاطر بألف.

حفظ الله مصر والثورة مستمرة....

ليست هناك تعليقات: