إضافة بسيطة إلى المقال المنشور في مارس:
بعثت إيران بوزير خارجيتها إلى القاهرة وقابل شيخ الأزهر لتصوير المسألة على أنها مسألة ذات بعد ديني، وهو الغطاء الذي يخفف من حدة رد فعل الشارع على استقبال داعمي بشار الأسد السفاح قاتل ما يزيد على 60000 سوري وأكثر حتى الآن. بينما كان اجتماع صالحي بشيخ الأزهر هو الستار، كان لقاء وزير خارجية إيران بمرسي وراء الستار لتباحث كيفية إنقاذ بشار والبحث عن مخرج آمن للسفاح حيث تريد إيران الاستفادة من خبرات مرسي والإخوان في الخروج الآمن الذي وهبوه لمجلس العار العسكري المصري بعد تورطه في قتل عشرات المواطنين المصريين.
إلى المقال:
يبدو أن الأمر قد خرج عن السيطرة تمامًا ولم يعد بالإمكان تداركه بعد الآن إلا من خلال الحلول غير التقليدية. في سوريا يُقتل الأطفال والنساء والشيوخ والشباب والمسلمين السنيين والشعيين والمسيحيين دون تمييز لأي من هذه الفئات. هذا هو مبدأ المساواة الذي يطبقه بشار الأسد والذي أسفر عن شهداء وصل عددهم إلى ما يزيد على 6000 شهيد من بينهم 500 من الأطفال علاوةً على 10000 معتقل وفقًا لآخر الإحصائيات الصادرة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
إنها الثورة السورية صاحبة اليد النظيفة التي لم تمتد حتى للرد على القتل بالقتل حتى بعد ميلاد الجيش السوري الحر الذي يلتزم منذ تأسيسه بالدفاع عن المواطنين السوريين الأحرار. ورغم كل المحاولات الكوميدية للتدخل العربي أو الأجنبي في القضية السورية بما في ذلك مبعوثي المراقبة العربية ودعوات أمير قطر للتدخل بقوات حفظ سلام عربية إلى سوريا، ارى أنها جميعًا محاولات تعكس الصمت الرهيب عن القتل حتى مع انتشار الثرثرة الإعلامية والإخبارية والسياسية على المستويين العربي والعالمي ولا أراها سوى صمت مغلف ببعض الهرتلة.
إذن لماذا هذا الصمت العربي والعالمي؟ ولماذا هذا الصمود من جانب النظام السوري الذي مثله مثل جميع كل النظم الاستبدادية المأجورة بالوطن العربي يتسم بقدر كبير من الهشاشة؟ ما هو وقود النظام السوري الذي يدفعه إلى الأمام؟
بسم الله الرحمن الرحيم، لأ أحب أصدمك فالإجابة هذه المرة ليست تونس، بل ليبيا التي تحركت جحافل جيوش الناتو لتخلصها من بين يدي القذافي كعربون محبة للثوار والقوى الجديدة التي ستحكم مقابل التسهيلات في تعاقدات النفط ومنتجاته، وهو العنصر الذي لا يتوافر لسوريا حيث لا نفط فيها ولا غاز. أضافةً إلى ذلك، تعتبر سوريا هي الصندوق الأسود لصفقات العملاء العرب (حكام العرب سابقًأ) مع الولايات المتحدة وأن أي مساس بنظام بشار سوف يكشف جميع الأوراق ويكشف النقاب عن التاريخ الأسود لتحركات الولايات المتحدة في المنطقة العربية. كما أن هناك رادع آخر يحول دون هجوم الولايات المتحدة والناتو على نظام السفاح بشار، وهو أمن إسرائيل.
أما السؤال الثاني فإجابته تتمثل في نظرية الدفع الرباعي فمؤيدي النظام السوري معارضيه فيما يفعل يدفعونه إلى الأمام وبقوة. لديك المعارضون على رأسهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهو الذين لم يتجاوز اعتراضهم على ما يحدث سوى الحنجورية وتصريحات الرفض والشجب على لسان وكلينتون آشتون وآخرون علاوةً على بعض بعض الرسائل الضمنية التي لا طائل من ورائها سوى التواجد على الساحة السياسية وإعلان الموافق الرافض النظري فقط مثل تصريحات ماكين علاوةً على محاولات عقيمة لوقف القتل مثل إرسال المراقبين العرب وكوفي عنان للتوسط لحل الأزمة التي يظن العالم أو يدعي أن لها طرفان بينما تشيرالحقيقة المجردة عن الرسميات والبرتوكولات وحسابات المصالح أن لها طرفًا واحدًا أما الطرف الثاني المزعوم فهو صانع الأزمة.
على صعيد مؤيدي نظام السفاح بشار حول العالم، تتصدر روسيا القائمة بدعم قوي وصل إلى درجة استخدام حق الفيتو لحيلولة دون إصدار أي قرار بإدانة سفاح النظام السوري، وهو القرار الذي لم يتخذ من أجل سواد أعين النظام السوري، بل في للمساهمة في المحاولات المستميتة للدب الروسي لاستعادة مكانته العالمية. كما أدلت الصين بدلوها في هذا الأمر مستخدمة حق الفيتو هي الأخرى لعرقلة أية قرارات تدين النظام السوري المجرم.
وهنا لابد أن نرى من يدعم سوريا النظامية وميليشيات العلويين هناك، إنه بوتين الذي يتحايل على الديمقراطية والشرعية الدستورية والذي عندما انتهت فترات رئاسته المتوالية وفقًا للدستور، حكم البلاد من كرسي رئيس الوزراء والآن يريد العودة من خلال الانتخابات الرئاسية التي حصل فيها على نسبة 63.75% من إجمالي الأًصوات المشاركة في انتخابات الرئاسة. وبرغم هذه النسبة الكبيرة والإقبال الجماهيري على المشاركة الذي وصل إلى 99% من إجمالي الأًصوات وكاميرات المراقبة المتصلة بالإنترنت التي تراقب سير العملية الانتخابية، إلا أن نجاح بوتين لا زال مشوبًا بالكثير من الممارسات الدكتاتورية وتزوير إرادة الشعب. يدل على ذلك ما حدث من تظاهرات شهدتها العاصمة موسكو والتي تم التعتيم الإعلامي عليها إلى الدرجة التي أحس الرأي العالمي عندها أن هذه التظاهرات ارتدت القبعة السحرية واختفت في غمضة عين لتظهر من جديد وكأنها موجات متتالية من الغضب. ولا شك أن تبني سياسات تضليل الرأي العام، التعتيم الإعلامي، شمولية الحكم والتشبث بالسلطة هو ما أفرز استخدام حق الفيتو ضد أي قرار من يصدر من مجلس الأمن لإدانة النظلم السوري علاوةُ على التعبير عن الدعم الكامل من خلال التصريحات الإعلامية والزيارات الرسمية للوفود الدبلوماسية، زيارة وزير خارجية روسيا سيرجي لافروفوزير لدمشق، وكأن بوتن يوجه رسالة إلى العالم مفادها "إننا نحن النظم الشمولية والحكام المستبدون لن نموت مهما قامت ضدنا ثورات وسوف نظل نحكم العالم أبد الدهر".
أما الداعم الثاني الأكثر قوة لنظام القتل السوري فهو الصين التي لن تشم بعد ريح الحرية أو الديمقراطية والتي تقاوم كل محاولات الخروجح على النص النظامي الموضوع ومخطط النمو الاقتصادي المتبع. الصين هي الدولة ذات النظام الذي سحق المتظاهرينم بالأسلحة الثقيلة وداهمهم بقوات الجيش في ساحة تيانانمن عام 1987، وهو نفس النظام الذي صعد بالبلاد إلى مصاف الأوائل اقتصاديًا والأقوى ماليًا في العالم دون النظر بعين الاعتبار ولو للحد الأدنى من الإصلاح السياسي حيث لم يُسمع أي من الأصوات الصينية التي تنادي بإصلاحات سياسية منذ أحداث الفوضى التي عمت البلاد في الفترة ما بين 1966 و1976 وحتى الآن باستثناء تصريحات وين جياباو الذي ترك كرسي رئاسة وزراء الصين العام الماضي والتي نادى من خلالها بضرورة التعجيل بإصلاحات سياسية تضمن استمرار فاعلية الإصلاحات الاقتصادية.
إنه معسكر الشرق، روسيا والصين، الذي يرنو إلى استعادة أمجاد الماضي بقيادة روسيا قطب العالم السابق قبل التحول إلى عالم القطب الواحد. إنه الرغبة في إحياء الموتى بالنسبة لروسيا واتخاذ مكانة الصدارة بين دول العالم القوي المتقدم والحصول على مبايعة دول العالم أجمع للصين كأحد أكبر القوى العظمى في العالم. فالدعم مدفوع مقدمًا من بشار السفاح. دفع من دم أبناء سوريا الشرفاء للصين وروسيا ليستعيدا مكانتهما الدولية ويدخلون في زمرة دول العالم المتقدم على سجادة حمراء مصنوعة من دماء الشهداء.
وحدث أيضًا ولا حرج عن إيران صاحبة الطموحات التي لا سقف لها في الدور الإقليمي وقيادة المنطقة، والتي لم تتوانى عن دعم السفاح بكل ما أوتيت من قوة بالمال والعتاد، وحتى القوات حيث أرسلت سبعة آلاف مقاتل من الحرس الثوري الإيراني العمليات العسكرية ضد المدنيين طمعًا منها في أن تخفف الضغوط الواقعة على عاتقها من جانب الولايات المتحدة من خلال هذا الدعم العبثى للنظام السوري حيث يسير المخطط الأمريكي لتجفيف منابع الدخل النفطي الإيراني. علاوةً على ذلك، من المنتظر أن تصل شحنات ضخمة من السلاح الإيراني إلى أيدي شبيحة بشار قريبًا.
على الجانب الآخرن يقف المعارضون بشدة لمذابح بشار على رأسهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومعهم من والاهم من دول العالم بصفة عامة ودول المنطقة على وجه الخصوص. ومن اللافت للنظر أن مصر، التي ترتبط ارتباطًا استراتيجيًا وأمنيًا بسوريا هي صاحبة أضعف الأصوات المعلقة أو حتى الرافضة لسياسات السفاح بشار. فلماذا يتراجع دور مصر في القضية السورية ويقتصر على مجرد سحب السفير وبعض ممارسات الشخط والنطر في البرلمان المصري الوليد.
للإجابة على ذلك يمكننا التأمل في وضع المنطقة منذ مساء يوم التاسع من يونيو 1967، اليوم الرابع من حرب الستة أيام، عندما دخلت القوات الإسرائيلية إلى أرض الجولان حيث لن تنطلق فوهة بندقية واحدة بطلقة يتيمة في مواجهة هذا الاحتلال الغاشم في حين انطلقت عشرات آلاف الطلقات لقتل السوريين داخل بلادهم على يد حافظ الأسد السفاح الأكبر وابنه السفاح الحالي في أرض سوريا. فكيف تهب الولايات المتحدة لنصرة شعب في مواجهة أقوى حليف لها في المنطقة وصمام الأمان الذي يمنع أي هبة عربية في المنطقة عن إسرائيل، وهو ما يفسر اقتصار دور الجانب الأمريكي على مجرد بعض التصريحات التي تشجب وتندد ثم تعود في اليوم التالي لتشجب وتندد.
لدينا أيضًا أن النظام الحاكم في مصر الذي لا يختلف على الإطلاق عن نظام بشار السفاح مع التفاوت في أعداد الضحايا. هذا النظام الذي يحاول العودة بعقارب الساعة إلى الوراء 60 سنة من خلال القمع والقتل والعنف والحرب النفسية التي يشنها ضد شعب مصر. هذا النظام الممثل في المجلس العسكري المصري الذي ورث عرش عصابة الحكام العرب من والده مبارك. هذه العصابة التي تابى ألا تخرج من كل ما يحدث الآن بإحدى الحسنيين إما استعادة السيطرة على الشعوب العربيةـ خاصةً دول الربيع العربي متمثلة في تونس، مصر، ليبيا، اليمن وسوريا أو أن تخرج بسلام مع ثرواتها لتحيا حياة الملوك والسلاطين في أي بقعة من بقاع الأرض تحلو لها.
كان المخلوع هو زعيم العصابة السابق ومنذ أن سلم سلطة البلاد إلى مجلسه العسكري صاحب السلاح والسطوة الذي اغتصب شعب مصر وسيادتها ومقددراتها لم نسمع كلمة واحد تؤيد الثورة الليبية أو اليمنية أو السورية اتباعًا لنفس منهج الأب المخلوع للمجلس الحاكم، وهو ما يأخذنا إلى أن مصر تقع في الوطن العربي وشمال إفريقيا موقع القلب والعقل من الجسد وهي المحرك الأساسي للمنطقة واللاعب الرئيس فيما يحدث من تطورات على كافة الأصعدة. لذلك لا أمل في أن تتحرر سوريا أو أن يزول عنها نظام بشار إلى بعد إزاحة المجلس العسكري تمامًا وإلى الأبد عن حكم مصر وقطع جميع أذياله التي يتسرب من خلالها إلى التحكم في مقدرات البلاد.
أما عن مجموعة المواقف الأخيرة التي ظهر بها المجلس العسكري وبرلمانه فما هي إلى جزء جديد من مسلسل "لن نركع"، ولكنه على المستوى الدولي. نسحب السفير وتتعالى الأصوات في البرلمان بقطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام السفاح بشار، في الوقت الذي ندعمه فيه بالصمت الرهيب ونضغط على جامعة الدولة العربية لعدم اتخاذ أي قرار في اتجاه تدويل الأزمة تمهيدًا لرفع الظلم عن السوريين الأحرار، وهي الضغوط التي كان آخرها وأد مبادرة قطر لإرسال قوات حفظ سلام عربية وهي في المهد. بالإضافة إلى ذلك، لا زال المجلس العسكري المصري يمارس دوره الخفي في الضغط في اتجاه الدعم الصامت لنظام الأسد من خلال الامتناع عن طرح أي مبادرات مع تركيا التي تتمنى أن تهب لإنقاذ الشعب السوري من عمليات القتل الممنهجة، إلا أنها لن تتمكن من ذلك دون غطاء عربي يسير أي تدخل ميداني في إطاره.
في غضون ذلك، لا زال النظام السوري يلعب لعبة الأغلبية والأقليات والحوار والدعوة إلى نبذ العنف وغيرها من الحيل التي لا تخلو منها جعبة بشار مثل التعديلات الدستورية والاستفتاء عليها والانتخابات القادمة وكأن البلاد في وضع مستقر وكأن جنازات الشهداء التي تسير في شوارع سوريا يوميًا ما هي إلا كرنفالات للاحتفاء ببشار ونجاحه في إدارة البلاد، وهي الاستراتجية المستنسخة من استراتيجية المجلس العسكري في مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق