الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

عاطف إسماعيل : إلى راغبي تربية مصر الثورة عفوًا لقد نفذ رصيدكم




انظر جيدًا إلى مصر، انظر إلى ترابها، نيلها، شمسها الحنونة، أهلها الطيبين، ولن تجد كل ذلك يجتمع في أي بلد من بلدان العرب، ولا حتى بلاد العالم أجمع. انظر جيدًا من شرفات ونوافذ منزلك، لتجد، مع البساطة المفرطة والفقر الشديد الذي نال من أجسام وقلوب المصريين، أخلاقًا تدفع بأصحابها إلى التضحية من أجل بعضهم البعض وبذل لكل نفيس وغالٍ في سبيل الغير. ضع كل ذلك نصب عينيك وتذكر اسم المحامي المصري أحمد الجيزاوي الذي أخذ على عاتقه الوقوف أمام سلطان جائر للمطالبة بحق يكفل لأصحاب القلوب الطيبة والأرض المحروسة كرامتهم عندما رفع دعوى ضد الملك عبد الله يطالب فيها بطلاق سراح المعتقلين المصريين في السعودية لتكون حلقة جديدة من حلقات الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون المصريون خارج بلادهم.
 ليس من الغريب أن ندفع ضريبة الحرية من دمائنا وأموالنا وأمننا، بل ومن حريتنا أيضًا. فالمتابع للمشهد السياسي منذ قيام ثورة يناير المجيدة حتى الآن، لم يجد صعوبة في تمييز معسكرين أساسين في الصراع الدائر في المنطقة بصفة عامة، وفي مصر على وجه التحديد حيث تحتل مصر من الوطن العربي موقع القلب والعقل من الجسد وما يحدث فيها ولأهلها يلخص الموقف كاملًا في بلاد الربيع العربي أجمع.
 كل ذلك كان مدعاة إلى أن تعرض دول الخليج، أو على الأقل البلطجي الكبير في منطقة الخليج مليارات الدولار لإنقاذ حليف الماضي والحاضر المخلوع المأسوف على شبابه الرئاسي المقصوفة فترة رئاسته الأخيرة والمقيم في الفندق الطبي ذو السبع نجوم حتى تكتمل محاكمته الهزلية. تأمل الصورة جيدًا وضعها إلى جانب سحب الاستثمارات السعودية مصر وصولًا إلى قرارات تعسفية تمس مستقبل ملايين المصريين العاملين بالمملكة والتي تهددهم بفقد اقاماتهم الشرعية بالبلاد، ومن ثَمَ أعمالهم علاوةً على التعسف والمعاملة السيئة التي تلقاها المصريون في موسم الحج الماضي وما تبعه من عمرات انتهى المصريون من أداءها بشق الأنفس.
 إننا نتعرض لأعنف حملة تربوية من المملكة العربية السعودية صاحبة أعتى نظام ملكي دكتاتوري في العالم تستغل فيها هذه الدولة كل مناسبة لإذلال المصري دون تردد. لذلك، لن نطالب بالإفراج عن أحمد الجيزاوي فقط، بل جميع المسجونين بأحكام قضائية أو رهن الاعتقال بدون تهم. لن نكتفي أثناء مطالباتنا بشعارات ووقفات واحتجاجات، بل سنتوجه مباشرةً إلى جذور المشكلة لنقضي عليها تمامًا، وهي العسكر الذين أجادوا تمثيل مسرحية لن نركع للولايات المتحدة وسجدوا مصر كلها للأمريكان. وها هم يعيدون الكرة أمام الولايات المتحدة العربية، خير حليف لشقيقتها الأمريكية.
 أن الأمر لا يتعلق بالذات الملكية أو غيرها من الذوات، بل يتعلق بالصراع بين دولة الماضي التي تجثو على ركبتيها بعد تلقي ضربات مميتة من ثورات الربيع العربي ودولة جديدة في ريعان الشباب كُتب لها أن تحيا وتستمر. لن نجعجع أو نردد هتافات لتحرير أحمد الجيزاوي فحسب، بل سنُصعِد حتى نقضي على بقايا نظام المرتزقة الذي أهدر كرامة مصر على مدار ستة عقود.         
 يسقط يسقط حكم العسكر
والثورة مستمرة
نُشر بالبديل 25-4-2012

ليست هناك تعليقات: