نفس المأزق وُضع فيه الشعب المصري: مرسي أم شفيق؟ يُوضع فيه الآن، الإعلان الدستوري الدكتاتوري أم دستور معيب وضعته
تأسيسية إخوانية باطلة؟
أوصلتني عبقريتي
السياسة في الخيار بين شفيق ومرسي إلى اختيار مرسي المهم أن نبعد شفيق مع اقتناعي الشديد
بأن رفض كليهما هو الحل الصحيح، وهو حل جذري كان من الممكن أن يخرجنا من المسار الإجباري،
إلا أن الكتلة الصامتة لم تكن تتقبل هذا الحل فكان مرسي.
سيتهمني البعض أو الكثيرون بالغباء، وردي عليهم أننا لا
نعيش بمعزل عن شعب به عشرات الملايين الذين جُهلوا وفُقروا عمدا وزُرع فيهم عشق الاستقرار ولو على حساب حقوقهم وحرياتهم
وتكيفوا مع ما هو أقل من الحد الأدنى لحياة كريمة فحصلوا على حياة غير
كريمة وارتضوها، وهو ما يؤكد على ضرورة التخلص من حلم وأوهام النخبة القادرة على
التغيير وحدها بعيدًا عن أحضان شعب تعمل من أجله.
أما الآن وقد اتضح الأمر للجميع وبات الجميع يعلم أن العسكر
والإخوان ونظام المخلوع "إيد واحدة"، فليس لدي استعداد لأي موائمة أوتسوية
أو "حوار مجتمعي"، مصطلح ابتكرته الرئاسة الإخوانية وتطبقه بمفهومها
الذي يؤكد أن المجتمع هو الإخوان ومن يتوافق معهم ومن يتحالف معهم ومن له مصلحة في إعادة إنتاج النظام القديم، ولن أقدم على
الاختيار ما بين أمرين كلاهما مر فقد تعلمت من الماضي القريب واطلعت على تاريخ
صفقات تقسيم كعكة بلادي وتوزيع ثرواتها وسلطاتها على حفنة من الجماعات منهم من
يحمل السلاح ومنهم من يحمل لواء الدين بمفهومه للدين لا بالفهم الصحيح له منهم من
يخاطر بمستقبل البلاد من أجل رغباته وطموحاته غير المشروعة في الاستيلاء على
السلطة ومنهم من يبيع أبناء هذا الوطن ويستهين بدماءهم من أجل الوصول إلى كرسي أو
بضعة مليارات.
يخيركم الإخوان الآن بين إعلانهم الدستوري المستبد الذي
أعده الدكتاتور وبين دستور نتج عن أعمال جمعية تتكون من جماعته ومن يواليهم فيه كل
أشكال العيوب الدستورية والعوار. وللأسف الشديد، لا يمكن أن نضع أيدينا على أشكال
العوار الدستوري في المسودة الأخيرة التي يقدمها الغرياني، رئيس الجمعية التأسيسية
الإخوانية غدًا للرئيس الإخواني، وذلك لأن العيوب الأساسية في هذا الدستور لا تكمن
فيما هو مكتوب، بل فيما لم يُكتب وما لا تتضمنه مسودة العار لدستور الإخوان.
الدستور لم يحدد ولم يفصل وضع القوات المسلحة. الدستور لم
يلزم القوات المسلحة بالإفصاح عن مصادر دخلها ولو على الأقل بالنسبة للمشروعات
المدنية التي لا علاقة لها بالأمن القومي. الدستور لا زال مبهمًا فيما يتعلق
باستكمال مرسي لفترته الرئاسية بعد إقرار الدستور، وهي المفاجأة التي تنتظرنا
جميعًا حيث من المتوقع أن تلحق بالمسودة فقرة تسمح لرئيس الإخوان باستكمال الفترة
الرئاسية. الدستور أيضًا لم يعمل لصالح الطفل ولا المرأة ولا المعاقين ولا محدودي
الدخل.
هذه المرة أمري بيدي وكلنا كذلك ونستطيع أن نضيف إلى
القائمة خيار ثالث هو لا هذا ولا ذاك. فإذا كان رئيس الإخوان يحكم أهله وعشيرته
ويخيرنا جميعًا أمامهم، مستعينًا بهم ومستقويًا بقدرة جماعته على الحشد بين إعلانه
الدستوري الذي يتجاهل وجود جميع القوى السياسية والشعبية بتحصينه لقراراته وهيئاته
التي تدعم دكتاتوريته توفر له غطاء يتخيل أنه دستوري أو قانوني أو شرعي، يخيرنا
بين الدكتاتورية الفردية والدكتاتورية المدعومة بدستور جماعته، فلن نقبل بأي من
الخيارين لأننا تعلمنا من دروس الماضي.
ولنسمي الأشياء
بمسمياتها الصحيحة، فالسبت القادم لن يكون لدعم إعلان مرسي غير الدستوري، بل لدعم
تمرير الدستور وتخيير الشعب بين الأمرين إعلان مرسي ودستورمرسي وجماعته. وإذا أردت
التأكد من ذلك فلتتابع أبواق الإخوان في وسائل الإعلام وهي تحول دفة الحديث عن
الإعلان غير الدستوري إلى الحديث عن الدستور الجديد والاستفتاء عليه ليرموا الكرة
في ملعب الشعب ويلقوا بالقوى السياسية كلها في بحر الظلمات مع شعب لديه خلفية
سياسية وحقوقية متواضعة يرتضي حياة مهينة، ولكن مستقرة. لا حل سى الميدان والثورة
مستمرة.
كما أتوقع أن يكون السبت القادم، بعد اتفاق قوى
المتأسلمين على عقد مليونية في ميدان التحرير حيث تعتصم القوى المدنية، موقعة جمل
جديدة، ولكن دون جمال أو خيول. فهذه المرة سوف يخلي الإسلاميون الميدان بأيديهم
متصورين أنها عملية سهلة بسيطة أو نزهة سوف يقومون خلالها باجتثاث بعض القوى
الوطنية من جذورها ليزرعوا مكانها قوى باكستانية أفغانية. هيهات هيهات يا من
تريدون تحويل ميدان التحرير ميدان الثورة ميدان التحديات ميدات إسقاط المخلوع إلى
ميدان قتال. سيكون السبت القادم سبت موقعة الحمار الذي يبيع المستقبل ويبيع البلاد ويريد السيطرة على الجميع وأن يعيش وحده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق