ثقافة المركوب تسود أغلبية المصريين
كنا بالأمس
القريب نهتف "يسقط يسقط حكم العسكر". واليوم يفاجئنا البعض برغبة قوية
في التصعيد ضد الإخوان إلى أقصى الدرجات والاعتصام وإعلام العصيان المدني وغيرها
من وسائل التصعيد السلمي وأن نقيم البلاد لا نقعدها. كل ما سبق ليس بجديد ومنطقي
في ضوء ما يمارسه الإخوان من استبداد ومغالبة ضد جميع القوى السياسية كل أطيافها
واتجاهاتها. الجديد فعلًا هو أن هؤلاء يريدون بعد كل ما سبقت الإشارة إليه من جهود
أن يستقدموا القوات المسلحة مرة أخرى لحكم البلاد حتى وضع الدستور وإجراء
الانتخابات.
عندما حدثني أحد
ثوار التحرير في هذا الأمر كأن صاعقةً نزلت على رأسي للأسف لم أتمكن من استكمال
النقاش معه من هول المفاجأة واقتصرت في تعليقي على ما قال بكلمات بسيطة استندت
فيها إلى كلمة من بين كلماته التي كان يقولها وهو في حالة من الذعر الشديد وهي
كلمة "بعد كده العسكر يركبوا ويعملولنا دستور"
كان تعليقي عليه بكلمات قليلة "هو إحنا مينعش نمشي إلا لما يكون
حد راكب" وأنهيت النقاش.
بعد انتهاء المناقشة تمنيت أن يكون ما
حدث مجرد كابوس استيقظت منه يوم السبت الماضي بعد تناول جرعتي من الغاز المسيل
للدموع من النوع المفضل لدي يوم الجمعة الماضية. ولكن بحلول الظلام يوم الاثنين 26
نوفمبر 2012، اكتشفت أن الاتجاه إلى الاستنجاد بالعسكر لا يقتصر على ذوي المستويات
الثقافية المتواضعة أو أصحاب الخلفية السياسية البسيطة، بل وصل إلى الصفوة والنخبة
المثقفة في البلاد حيث فاجأتني صديقة صحافية في جريدة مرموقة بصورة نشرتها على
حسابها على فيسبوك مصحوبة برسالة نصها
" استغاثة إلي القوات المسلحة المصرية
استغاثة إلي الجيش المصري...
"انقذونا من الخونة المتأسلمين
أنقذوا ديننا وأرضنا .... أنقذوا مصرنا يا خير أجناد الارض
شـيـــــــــــــــــر ليعلم الجميع"
استغاثة إلي الجيش المصري...
"انقذونا من الخونة المتأسلمين
أنقذوا ديننا وأرضنا .... أنقذوا مصرنا يا خير أجناد الارض
شـيـــــــــــــــــر ليعلم الجميع"
وكان الرد عليها
كما يلي:
"دا إزاي يعني؟ مش فاهم أومال كنا بنقول لسه من شهرين
تلاتة يسقط حكم العسكر ليه كنا بنهزر. هو لازم حد يركبنا ويمشينا على مزاجه، مش
هنحس يوم إننا نعرف نحكم البلد بإيدينا ونحقق الديمقراطية والعدالة؟؟؟؟!!!
يعني أفهم من كده أني أحتمي من كلب سعران بأني أسلمه لكلب أقوى
منه وبعد ميخلص عليه وييجي الدور عليا يخلص عليا أنا كمان."
إذا كان هؤلاء في
أبراج منعزلة ولم يروا ما شهدته مصر على أيدي العسكر من سحل وقتل المواطنين
والقاءهم فوق أكوام القمامة والاعتداء على مصابي وأهالي شهداء الثورة وسحل الحريم
والبنات وتعرية ست البنات وتهديد بنانتنا بالاغتصاب وإقامة حفلات عليهن داخل مجلس
الشعب حصن الأمة وخضاع بنات مصر لكشوف العذرية والكذب على الشعب بإنكار ما تقدم وذبح
ما يزيد على مائة من خيرة شباب، بل وأطفال مصر في استاد بورسعيد لمجرد أنهم هتفوا
في المباراة التي سبقتها "يسقط يسقط حكم العسكر".
وإذا كانت
أبراجهم لم تمكنهم من رؤية القوات المسلحة بقيادة طنطاوي وهي تفرط في دماء أبناءها
من خيرة شباب الوطن على الحدود عندما قصفتهم طائرة إسرائيلية أدت إلى استشهاد ثمانية
منهم في 18 أغسطس 2011 وضحت أيضًا بدماء 16 من أبناءها هذا العام في 5 أغسطس 2012،
إذا لم تكن تلك المعلومات قد وصلت إليهم، فلابد أنهم لديهم فكرة عن تاريخ البلاد
التي يعشون على أرضها.
إخواني
المستقويين بالعسكر على الإخوان، اليس لكم أذرع وألسنة وأرجل تقودكم إلى الإطاحة
بأي حاكم يحاول إعادة إنتاج الاستبداد والقمع؟ هل أنتم ضعفاء إلى هذا الحد؟ هل
قرأتم عن مذبحة الإخوان على يد عبد الناصر الذي شن هجومًا عنيفًا على الجماعة
ومنحها لقب المنحلة ونكل بقياداتها إعدامًا نفيًا واعتقالًا تحت مظلة حماية وأمن
واستقرار البلاد. أعزائي إن كنتم لا تعلمون فاعلموا أن الإخوان الآن يلعبون
البطولة في فليم "عاد لينتقم" فهم اليوم ينكلون بالجميع ويريدون الانفراد
بحكم البلاد دون منازع وإذا واتتهم الظروف فسوف يفعلون بنا كما فُعل بهم وأكثر.
صحيح أن القوة
الوحيدة التي يمكن أن تتصدى لهم بمعايير القوة المادية هي القوات المسلحة، إلا أن
لدينا نوعًا آخر من القوة أسقط جميع الطغاة على مدار تاريخ المحروسة. أسقط عتاة
العالم، وهو ما يجعل خيارنا الوحيد هو المقاومة بالشعب لأنها في النهاية ستؤتي
ثمارًا يأكلها الشعب بينما المقاومة بالعسكر فسوف تؤتي ثمارها للعسكر الذين لا
يعطون دون مقابل يصل إلى عشرات أضعاف ما يعطونه. أفيقوا يرحمكم الله فلو كان الجيش
يحميكم لحدث ذلك منذ أول يوم ثار فيه المصريون وفعل كما فعل جيش تونس الذي أقسم
على حماية الشعب ولم يحنث بيمينه كما فعل جيش طنطاوي سابقًا والسيسي حاليًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق