السبت، 16 مارس 2013

عن العشق والهوى والمسار الإجباري


نُشر بالبديل في العصر الذهبي لخالد البلشي في 30 مايو 2012 ولا زلنا حتى الآن في المسار الإجباري، ولكن مع فارق واحد أن الوسيلة التي تستخدمها الجماعة، مندوب النظام السابق، هي العنف ولا شيء إلا العنف. فهل يطول بنا المقام في هذا المسار، أم أن انتفاضة شعبية في طريقها إلى استرداد الأرض وعرض الثورة

=====================================

عن العشق والهوى والمسار الإجباري

 غريب هذا الإحساس ومستفزة تلك المشاعر. فعندما نحب ننسى كل شيء عدا من نحبه ونتوحد معه ونتمنى أن نكون كائن واحد بروحين. تغمرنا مشاعر جمة عاتية قوية تكاد من فرط قوتها تفتك بقلوبنا وعقولنا. وكلما كانت حقيقية كانت أقوى وأكثر فتكًا. معاناة نقع فيها دون إرادة أو تفكير وبلا تردد ولا سبيل للخلاص منها.

  إنه الحب سيد المشاعر الذي يؤمر فيُطاع ويسير الجميع في ركابه دون سؤال. وحتى إذا ما اصطدمنا بصخرة الواقع، التي غالبًا ما تكون من نحب عندما يصدنا أو يرفض قلب وروح وكيان يهديهم له محب مخلص، نبحث عن كبرياء أو كرامة مجروحة فنجدها تطمئنا قائلةً "لا عليك فجرحي أهون من جرحك امض في طريقك إلى من تحب وسوف أعتني أنا بنفسي" هذه هي كرامتك تهوي بك إلى أعماق المجهول وتنصحك بالسير على درب الحب،، فيا لها من مأساة. 

 هكذا أمضي على الدرب في حبك يا مصر. أسير فأنكفأ وأنهض. أنت يا مصر حبيبتي وشعبك صدها وعنادها وأحيانا ما يكون بلادتها وبرودها. أنت معشوقتي الأولى، ودونك معشوقة أخرى تتضائل إلى حد الاختفاء، ولكني يا بلادي لن أعملك كحبيبة أتفادى لقائها أو أقلع عن أن أستمد  صبري وجلدي من عينيك. ومهما زاد الصد والعناد والجمود والبلادة من شعبك، فلن أتخلى عنه. فعندما نتعامل مع الحبيبة فهذا شأن خاص يتصرف فيه كما يحلو له. أما عندما نتعامل مع الحبيبة الكبرى، فالأمر يختلف حيث لا يمكننا أن ننفض أيدينا ونمضي إلى حيث نريد. لأنها المكان والزمان والحدود والعنوان.

 لذا شركائي في حبها وإخوتي في عشقها ماذا كنا ننتظر وكل مضى في طريقه يحبها بطريقته ومنهم من ذهب مغاضبًا يلقي عليها اللعنات منهم ومنهم ... ماذ كنا نتظر ونحن في مسار إجباري فُرض علينا بقوة السلاح واستنفذ ما لدينا من طاقة إيجابية ونهج سلمي ولا يترك لنا سوى خيار العنف بديلًا.

 كيف نريد ديمقراطية كاملة ونحن لم نسع إليها إلا بالهتاف ولم نتوجه إليها جمعًأ قويًا، بل كتلة مهترئة متشرذمة. كيف تتحقق وسط فقد كل ذلك؛ غطاء دستوري صحيح ومسار قانوني غير معيوب للعملية الانتخابية، وهو ما لم يتوافر بفضل العسكر، القدرة على التصدي للدعاية الدينية التي فدناها بفضل الإخوان والسلفيين من شركائنا في الميدان، القدرة على التصدي للعصبيات القبلية بفضل التركيبة الاجتماعية الموروثة من زمن المخلوع. لم نحرك ساكنًا لمنع الرشاوى الانتخابية بفضل جميع المرشحين إلا من رحم ربي.

 فبداية من "رصيدنا يسمح" يوم 9 مارس 2011 عندما قُتل أحد أبناء الون على يد جنود الوطن وانتهاءً إلى  تحصين اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة من الطعن على قرارتها في أي جهة خارجية بفضل الأستاذ المحنك طارق البشري، لم ننبس ببنت شفة ، بل اكتفينا بالتهليل والهتافات المضادة للمادة 28 بعد وضعها بعام كامل متناسين باقي العوار الذي ألم بالإعلان غير الدستوري.  

هل أقلعنا عن النظرة التشاؤمية السطحية التي تصور للبعض أن الثورة انتهت أو أنها مطالبة بتغيير جذري فوري لأوضاع البلاد دون أن تحكم وكأنها عصا سحرية. واستبدلها بنطرة منطقية تقتتضي أن التغيير في كل شيء بدأ بالفعل في كل المجالات ولكنها لا زالت مجرد بداية. لم يحدث ذلك بفضل وجهود الجميع الذين تكاتفوا دون أن يدروا في سبيل وأد الثورة ثوريون وغير ثوريين وكنبة وحتى إللي مالهومش فيها.

إلى جميع إخواني المتشائمين والمحبطين، هذا حقكم، ولكن ماذا بعد. أنتم الآن تذكروني باحتفالات النصر في 11- فبراير -2011 بعد أن أقمنا الأفراح دون أن نفكر فيما هو آت. الآن نقيم العزاء في مرشحين رئاسيين دون أن نفكر فيما نحن مقبلين عليه وكيف يكون لنا فيه الدور الأكبر كقوى ثورية قادت البلاد إلى الثورة منذ البداية. أمامنا تحدي الدستور الذي يجب أن نتصدى لأي محاولة لجعله مسخ يمنح الهبات لفئة بعينها أو يُستغل لتكبيل الحريات أو أن يكون كتاب حق يُراد به باطل يحصن المجرمين ويوفر مبررات للفساد ونهب أموال الشعب. وأمامنا أيضًا التحدي الأعظم الذي بدأناه بالفعل، رغم تخلي البضع عنه، وهو إقامة دولة المؤسسات الدولة الجديدة البكر التي لم يمس عرضها فاسد من خلال هدم مؤسسات الدولة القديمة بالجهد والعرق قبلهما الإيمان بأننا لا زلنا أحياء.

 لقد واجهنا معًا الظلم والعدوان وتصدينا لنظام أمني قمعي من أخطر أنظمة الحكم في العالم ولم نأبه بخطورته أو قوته، الآن وبعد أزحنا حاجز الخوف بعيدًا وكسرنا حاجز الصمت الذي بناه المخلوع وعصابته في ثلاثة عقود من الزمن نتراجع؟ هل نتراجع لمجرد الشك في أن عودة دولة الاستبداد قادمة ونحن من قاومها وهي حقيقة كائنة على الأرض. عزيزي الثائر عزيزتي الثائرة، لقد انتهى المسار الإجباري ولنا الخيار الآن في كل شيء عدا الفرقة وانقسام الصف. فمن يشارك في انتخابات الإعادة عليه أن يشارك بإيجابية ومن يقاطع فعليه بالإيجابية أيضًا دون تناحر ولنتعلم أن نحترم آراء بعضنا البعض حتى يحترمنا حكامنا ولنعي الدرس أيضًا مما مضى ونجعل من الحاكم خادمًا، لا سيدًا للشعب بالعمل والجهد فبالشارع نحيا وفيه نموت دفاعًا عن مصر. وإذا كان الله لم يرد لنا ثورة لها رئيس منها، فقد منحنا إرادة تجعلنا نحمل أي مسئول على فعل ما نريد والحكم بالعدل. وإذا كان الإرهاق قد تملكنا من طول الطريق، فنلتقط الأنفاس ولنا عودة.

 عن العشق والهوى والمسار الإجباري



ليست هناك تعليقات: